وكالة مهر للأنباء- قسم الشؤون الدولية : بدأ ممر النقل الدولي الشمال-الجنوب (INSTC) في سبتمبر 2000 في سانت بطرسبرغ بين إيران وروسيا والهند، ويشمل طرقاً بحرية، حديدية وبرية لنقل البضائع بين الهند، روسيا، إيران، شمال وغرب أوروبا، آسيا الوسطى، القوقاز، المحيط الهندي والخليج الفارسي. ان الهدف الأساسي من هذا الممر هو تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين هذه المناطق.
في الاتفاقية التي تمت في عام 2002، كانت الأهداف الرئيسية لهذا الممر تتمثل في زيادة فعالية الروابط النقلية لتنظيم نقل البضائع والمسافرين عبر ممر الشمال-الجنوب، تعزيز الوصول إلى الأسواق الدولية عبر وسائل النقل المختلفة مثل السكك الحديدية، البرية، البحرية، النهرية والجوية، ضمان أمان الرحلات وسلامة البضائع، تنسيق السياسات النقلية وكذلك الأسس القانونية المتعلقة بالنقل لتنفيذ هذه الاتفاقية.
يعد تطوير ممر النقل الدولي الشمال-الجنوب جزءًا من الجهود الأكبر لتحسين الاتصال الإقليمي والاندماج الاقتصادي في أوراسيا، وتحفيز التجارة، وفي الوقت نفسه تقديم مسارات تجارية بديلة للتجارة العالمية. الأعضاء الحاليون في هذا الممر هم الهند، إيران، روسيا، أذربيجان، كازاخستان، أرمينيا، بيلاروسيا، طاجيكستان، قيرغيزستان، عمان، سوريا، تركيا، أوكرانيا وبلغاريا (كمراقب). بينما يعتبر تركمانستان حالياً عضواً غير رسمي، ومن المتوقع أن ينضم بعد الدعوة الرسمية التي وجهها رئيس وزراء الهند، "مودي".
ممر شمال-جنوب ليس ابتكارًا جديدًا؛ بل هو مسار قديم كان يستخدمه التجار الأوروبيون والهنديون والعديد من البلدان الأخرى للوصول إلى أسواق آسيا الوسطى. في عهد السلالة الصفوية، التي تُعد واحدة من أهم فترات حكم إيران بين عامي 1501 و1736، يُقدَّر أن حوالي 10,000 تاجر هندي كانوا منتشرين في أنحاء الإمبراطورية. ومع التحولات العالمية مثل إغلاق قناة السويس في عام 2021 واندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، زاد الاهتمام بممر الشمال-الجنوب بشكل ملحوظ، كما جددت الحكومة الإيرانية التزامها بهذا المشروع. ممر الشمال-الجنوب أصبح الآن على أعتاب الانتقال من كونه مجرد ممر للتواصل إلى كونه ممرًا تجاريًا.
تم وضع توقعات بشأن مستقبل ممر الشمال-الجنوب وآثاره الاقتصادية. يُتوقع أنه بحلول نهاية عام 2024، سيرتفع حجم البضائع الروسية التي تمر عبر الطريق الإيراني إلى 4 ملايين طن، مما يظهر زيادة بنسبة سبع مرات مقارنة بـ 600,000 طن في العام الماضي. من ناحية أخرى، فإن الزيادة المتوقعة في حركة النقل عبر كريدور الشمال-الجنوب ستجلب فوائد اقتصادية لإيران، التي يمكنها أن تحقق إيرادات ترانزيت تصل إلى عدة مليارات من الدولارات بفضل استثمارها في موقعها الجغرافي الاستراتيجي وشبكتها الواسعة من السكك الحديدية.
مهدی باقري، خبير النقل، أشار إلى أن النقل في ممر الشمال-الجنوب، بالإضافة إلى الروابط التجارية بين دول جنوب وشمال إيران، سيكون عاملاً مهماً في تنشيط اقتصاد البلاد، خصوصاً في جنوب شرق إيران. وقال إنه من خلال مشاركة القطاع الخاص في تأمين التمويل، وبناء وتشغيل مسارات ممر الشمال-الجنوب، فإن ذلك سيؤدي إلى تحول اقتصادي وتطوير أمني في المنطقة.
وأضاف باقري أن ربط الهند بآسيا الوسطى وروسيا، إلى جانب ربط دول الخليج العربي بأوروبا، سيحول المزايا الجغرافية لإيران إلى فرصة لا مثيل لها للتعاون السياسي والأمني والاقتصادي مع الدول المعنية. وهذا يمكن أن يساعد إيران في تحديد موقعها في النظام العالمي الجديد الذي يتسارع تأثره بالتحولات العالمية.
وفقاً لآراء الخبراء، يجب أن يُعطى اهتمام خاص للتسويق التجاري لهذا الممر العابر عبر إيران، والدبلوماسية النشطة والشاملة، وتسهيل وتحسين العمليات الترانزيتية على الحدود، وتوحيد التجار لاستخدام هذا الممر. هذه الإجراءات يمكن أن تساهم في الاستفادة من الفرص المتبقية الناتجة عن حرب روسيا وأوكرانيا والعقوبات الغربية ضد روسيا.
/انتهى/
تعليقك